السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 661
عنوان الدرس: القطع
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 7.18 Mb
مرات الإستماع: 46

المتن: الموضوع: القطع:
- الامتثال الاجمالي.
- توضيحه بالامثلة، والفرق بين الاتيان والامتثال.
- الكلام في حالتين: تارة مع عدم التمكن من الامتثال التفصيلي، واخرى مع التمكن.
- في الحالة الاولى: لا شك في صحة الامتثال عقلا وشرعا.
-
الامتثال الاجمالي:
قد انتهينا من العلم الاجمالي والكلام كان فيه في الحكم هل يتنجز أو لا؟ أي كان الكلام في عالم التنجيز، وننتقل إلى عالم الامتثال كيف امتثل، هل يصح الامتثال الاجمالي أو لا؟
والمراد منه الاتيان بجميع الاطراف في الشبهة الوجوبيّة بحيث لوقطع بصدور المأمور به، فإذا شككت مثلا في الواجب عليّ، واستطيع أن اعيّن ما أطبق فيه الحكم، هل هو الصلاة قصرا أم تماما، فأتيت بها مرّتين على النحوين فهل يجزي ويصح ذلك؟
أو: ثوبان احدهما نجس، وبدل أن أعيّن أيهما نجس من الآخر أصلي بالأول ثم أصلي بالثاني فاكون قد صليت قطعا فهل هذا الامتثال يكفي أو لا؟
هذا ما نسميه بالامتثال الاجمالي، ففي الإمتثال التفصيلي أمتثل الواجب المعلوم فقط، أما في الإمتثال الإجمالي أحتاط بالإتيان بالاثنين معا وقد يستلزم التكرار وقد لا يستلزمه، كما لو شككت بامر انه جزء من العبادة فآتي به احتياطا، والسؤال هل يكون هذا الاتيان امتثالا للمأمور به؟ وفي بحث الاجزاء ميّزنا بين الاتيان بالمأمور به والامتثال.
والامثلة كثيرة على ذلك منها انني نذرت نذرا ولا أعلم أنه خمسة دراهم أو ركعتان فالأحوط الجمع بالاتيان بالاثنين. فهل هذا الاحتياط صحيح أو لا؟ وهل يجب علي أن أبحث حتى أعرف ما هو الواجب وامتثله شخصا؟
إذن البحث في الامتثال الاجمالي هو بتعبير ادق هو القطع بالتطبيق كما في الامتثال التفصيلي الذي اقطع فيه بالتطبيق.
ومثال آخر: لو كنت مدينا لزيد بعشرة دراهم ولا ادري هل هو زيد بن عمرو أو زيد بن بكر، فدفعت لكل منهما عشرة، بحيث اقطع بالتطبيق، فهل يكفي هذا الاداء ليعتبر امتثالا؟
والكلام تارة مع عدم التمكن من الإمتثال التفصيلي، وتارة مع التمكن:
الحالة الاولى: عدم التمكن من الامتثال التفصيلي: أي أني لا أستطيع أن أعرف تطبيق الحكم في الخارج تفصيلا، مثلا: ثوبان أحدهما نجس ولا أستطيع أن أميّز بينهما وليس عندي غيرهما، هل أصلي مرتين واكرر الصلاة، أصلي بالثوب الاول ثم بالثاني؟
ومثلا: علي دين عشرة دراهم ولا املك غيرها، لزيد، ولا أعلم أنه زيد بن عمرو أو زيد بن بكر، فإذا دفعتها لزيد بن عمرو لم يبق شيء لزيد بن بكر، فلا أستطيع أن أفي الدينين، فهل أكون قد امتثلت ؟
ومثلا: فلو علمت إجمالا بوجوب القصر أو التمام ولم أتمكن من تعيين الواجب لا عن طريق الاجتهاد ولا عن طريق التقليد، فالعقل والشرع يحكمان بحسن الاحتياط. فلو أتيت بصلاة قصرا وصلاة تماما من باب الاحتياط فلا شك في حسن ذلك عند العقلاء وعند الشرع.
وكما لو دار أمر النجاسة بين ثوبين أحدهما نجس ولم أستطع تمييزه.
أما العقل فواضح حكمه بالاحتياط، فإن الامتثال الاجمالي هو غاية ما يمكن للمكلّف فعله، وفعل المكلف أقصى ما يمكن فعله أمر ممدوح عقلائيا.
واما في الشرع فيقول تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ و ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾
اشكال، لا يقال: إن تعذّر الامتثال التفصيلي يسقط الحكم المعلوم عن التنجيز، ولا دليل على كفاية الامتثال، ولعلّه لذلك نسب إلى ابن إدريس الفتوى بوجوب إلقاء الثوبين عند تعذّر تمييز النجس منهما وعدم وجود غيرهما، والصلاة عاريا.
فإنه يقال: قد ذكرنا أن الوجه في فتواه (ره) هو إشتراط الوجه والتمييز عنده كما ذكرنا ذلك سابقا، ومع هذا الإشتراط لا يصح الإمتثال بالصلاة مرتين، ولذلك انتقل إلى وجوب الصلاة عاريا بعد فرض بقاء الحكم بوجوب الصلاة وعدم التمن من ثوب طاهر.
ولكن نحن رفضنا هذا الاشتراط. وعليه، فالصلاة مرتين هو أقصى ما يمكن أن يفعله العبد، وهذا أمر ممدوح، "وما بعد عبادان قرية". وهذا الحسن العقلائي كافٍ لتصحيح الفعل، لان تطبيق العنوان على افراده أمر عقلي.
ولا فرق في حسن الاحتياط عقلائيا وشرعا بين التعبّديات والتوصليات، ولا بين العلم التفصيلي بالتكليف والعلم الاجمالي به، ولا بين موارد عدم تنجيز الحكم كالشبهة البدوية في الحكم أو الموضوع، ولا فرق بين ما قبل الفحص وما بعده.
فإن الاحتياط هو ما يحرز معه براءة الذمّة، وفعل ما أمكن لتحصيل ذلك، ولا شك في أن فيه تمام الإنقياد وحسن العبوديّة والطاعة، ولا شك فيه اصحيح العمل به.
الحالة الثانية: إذا كان متمكنا من الامتثال التفصيلي، هل يصح أن أمتثل إجمالا بالاحتياط أو لا؟
يقع الكلام تارة في التوصليات، وتارة في التعبدّيات.




الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.