السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 678
عنوان الدرس: الظن
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 8.17 Mb
مرات الإستماع: 33

المتن: الموضوع: الظن:
- حجية الظواهر.
- الفرق بين الظاهر والنص. الظاهر ما احتمل فيه الخلاف ولذا امكن الاستثناء منه، اما النص فهو لا يمكن الاخلاف ولا يمكن الاستثناء منه.
- الكلام في صغريات حجيّة الظهور، وقد مرّ الكلام فيها في مباحث الالفاظ، وفي اصل الحجيّة وفي القيود.
- اصل الحجيّة أمر دلّ عليه سلوك الناس.
- القيود: هل يشترط الظن بالوفاق أو عدم الظن بالخلاف؟ سيرة الناس عدم الاشتراط.

إذن الاصل عدم حجيّة غير العلم، واعتقد أن هذا المقدار مما ذكرناه يكفي في بيان أصل عدم الحجيّة، فلننقل الكلام إلى استعراض الأمور الظنيّة غير العلم ومدى حجيتها، إذن الكبرى: كل ما لم يكن علما ليس بحجّة إلا ما قام عليه الدليل.
إذن فلنبحث عن مصاديق ما قام عليه الدليل من الظنون كالظواهر والخبر والشهرة، ولذلك سميّت بالعلميات نسبة إلى العلم، ونذكر بان المراد من الظن هو الرجحان، وما فيه احتمال الخلاف.
حجيّة الظواهر:
هل الظواهر مطلقا كلّها حجّة أو لا؟ فإذا قام ظن على الخلاف هل تبقى حجيّة الظهور؟
سنستعرض بعض التفصيلات في ذلك، مثل هل حجية الظهور مختصة من المشافهين؟ هل تشمل غير المشافهين؟ هل الحجيّة تشمل المقصودين وغيرهم؟ بما لها من ثمرات على صعيد الاستنباط وغير ذلك من القيود.
الفرق بين الظاهر والنص:
الظاهر: هو ما احتمل فيه الخلاف احتمالا ملغى عند العقلاء لا يعتنى به، عبّر عنه بالعلم العرفي. ولذلك عبّروا ايضا بالغاء احتمال الخلاف، بل هو ظهور معنى ووجود معنى خلافي، لكن عند العقلاء هذا المعنى الخلافي لا يؤخذ به.
والنص: هو ما لا احتمال فيه للخلاف.
ومن ثمرات هذه التعريفات ان الظاهر في العموم يمكن الاستثناء منه، مثلا: "أكرم العلماء إلا زيدا"، العلماء ظاهر في العموم، "أكرم كل عالم"، وجاءت "إلا" وقيدت الظهور باستثناء "زيد"، لاننا قلنا ان التخصيص في جوهره هو وجود ملاك آخر غير ملاك العام يزاحمه وأقوى منه، لذلك وقع الاستثناء، وهذا الاستثناء في عالم الاقتضاء وليس في عالم الفعليّة، فتزاحم الملاك هو في عالم الاقتضاء لا في عالم الفعليّة.
فإذا كان هناك ظهور في العموم امكن الاستثناء، أما في النص فلا يمكن فلو فرضنا أن العلماء ثلاثة زيد وعمرو وبكر فلا أستطيع أن أقول أكرم زيدا وعمورا وبكرا إلا زيدا كتخصيص واستثناء، نعم في حال النسخ أمكن ذلك.
والكلام تارة في نفس حجية الظهور، وتارة في القيود، وتارة في الصغريات.
والثالث خصص له الاصوليون بابا سمّوه بمباحث الالفاظ، وهو تشخيص الظهورات واسباب هذا التشخيص مثل الظهور في الموضوع له، ومثل ظهور صيغة الفعل في الوجوب، أو ظهورها في الاباحة بعد الحظر، أو ظهور المشتق في خصوص المتلبّس بالمبدأ او الاعم، وهكذا. وقد بحثنا تلك الصغريات بما يكفي، وقد وفقني الله لكتابتها كاملة.
والكلام في اصل الحجيّة ثم في القيود.
اصل حجية الظواهر: اما اصل الحجيّة فلا شك في ذلك، فالمحاورات العرفية مينية على ذلك، والشارع المقدّس تكلّم مع الناس بلغتهم وديدنهم في فهم الألفاظ، والحقائق العرفيّة تكون حقائق شرعيّة إلا ما أتى الدليل على خلاف ذلك، ولو أراد الله تعالى أو رسوله (ص) أو أهل بيته (ع) ركوب طريقة أخرى لبيّنوها، ولكن تاريخهم وسيرتهم تدلّ على أنهم سلكوا نفس الطريقة العقلائية.
أما القيود فالكلام وقع في أربعة أمور:
الاول: هل حجيّة الظواهر مشروطة بالظن بالوفاق، أو بعدم الظن بالخلاف؟.
الثاني: هل هي مشروطة بمن قصد افهامه أو تعمّ غيره؟
الثالث: هل هي مشروطة بالمشافهين دون غيرهم؟
الرابع: في حجيّة ظواهر الكتاب، وهذا القيد نسب إلى مجموعة من الاخباريين، وسنبيّن الادلة على قولهم والرد عليه.
اما الاول: فنقول: إن حجيّة الظواهر ليست مشروطة لا بالظن بالوفاق ولا بالظن بالخلاف. أكثر حالات الوايات التي فيها، فإذا جاءت رواية فيها عموم أو اطلاق عادة اظن بالوفاق، أي أظن أن العموم صحيح باعتبار انه من نقله ثقة.
اما إذا لم يحصل لي شخصيا الظن بالوفاق رغم وجود الظهور النوعي والظن النوعي، هل يبقى الظهور حجّة؟، أو احيانا يكون عندي ظن بالخلاف، أي ان المراد غير العموم، ايضا هل يبقى الظهور حجّة؟
مثلا: سمعت قوله تعالى " اوفوا بالعقود " وانا شخصيا لم أر فيه ظهور بالعموم رغم وجود الظهور النوعي بالعموم، فأنا أرى مثلا أن الوفاء بالعقود في خصوص العقود التي كانت موجودة في زمن الشارع كما عليه بعضهم من الفقهاء، لذلك قالوا ان سندات الخزينة التي هي عقد لا يشملها "اوفوا بالعقود" لانها لم تكن سابقا موجودة، وكذلك في عقود الزواج الحديثة والمصاحبة والمساكنة لم يعتبروها لانها لم تكن مشموله في الزمن السابق.
طبعا نحن نقول بعدم اعتبار المصاحبة والمساكنة، لا لعدم شمول "اوفوا بالعقود" لها، بل لحصر الآية الكريمة للوطء الشرعي باثنين: مضمون الآية ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ . أي على ازواجكم او ما ملكت ايمانكم.
ونقول: فإن عمل أهل المحاورة على عدم الاشتراط، فإن للمولى أن يؤاخذ عبده لو لم يعمل بالظواهر. فلو أمر المولى بإكرام العلماء والجيران، واحتمل العبد خصوص بعض الجران منهم، فلم يكرم الآخرين، ألا يستطيع الآخرون مطالبة العبد بحصتهم من الاكرام؟ وألا يستطيع المولى مؤاخذته على عدم إكرامهم؟
إن الظهور في العموم يتضمّن احتمال الخلاف، أي عدم العموم ومع ذلك نعمل بالعموم.
نعم لا شك في كون الظن بالخلاف يضعف من قوة الظهور، لكنه لا يسقطه عن الحجيّة، فإن للظهور مراتب كلها حجة في سيرة العقلاء وعملهم تارة تكون قوية وتارة اخرى تكون ضعيفة. فإذا قوي الظن بالخلاف لدرجة يرفع الظهور يسقط الظن عن الحجيّة لانتفاء الظهور لانه هو موضوع الحجيّة، ولان الظهور أمر وجودي، فالاصل هو العموم وليس أصالة عدم التخصيص. اما إذا بقي الظهور موجودا فمهما قوي الظن بالخلاف فلا يؤثر في حجيّته وللمولى ان يؤاخذ، لذلك نقول: لا شك في كون الظن بالخلاف يُضَعِّف من قوة الظهور. وهذا ينفع عند تعارض الخبرين، لكنه لا تسقط الحجيّة لبقاء الظهور، ولا صحة لقول من ذهب إلى ان الظهور يبقى ولكن تسقط عن الحجيّة.
الأمر الثاني: هل حجية الظهور مشروطة بالمقصودين بالافهام دون غيرهم؟
لا شك في عدم اشتراط ذلك وإن ذهب إليه صاحب القوانين (ره)، وذلك للسيرة العقلائية بالعمل بالظواهر، وهي العمدة في المسألة. ونحن افردنا درسا خاصا في انه عندما نبحث مسألة نبحث في أي خانة نضعها، إذا كانت من الظواهر نضعها في خانة مباحث الالفاظ، اما الامور العقلية إذا ادت إلى تشكيك ورفع ظهور فلا يكون حجّة، لكن المدار انها إذا كانت مسألة عقلية نضعها في المسألة العقلية فتكون كل النصوص ليست هي المناط بل نرى ما يقول العقل، أو إذا كانت مسألة عقلائية نرى ماذا يقول العقلاء، وعند الخلاف أاؤل النص على ما يحكم به العقل. ولذلك العمدة في المسألة هي سيرة العقلاء في المحاورة.
غدا نبيّن ان شاء الله الخلل في كلام صاحب القوانين (ره).


الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.