السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 703
عنوان الدرس: نقل السيرة
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 8.13 Mb
مرات الإستماع: 56

المتن: الموضوع: نقل السيرة:
- اقسام السيرة: سيرة قوم، وسيرة العقلاء، وسيرة المتشرعة المتصلة بعصر المعصوم (ع) ، وسيرة المتشرعة غير المتصلة.
- سيرة قوم ليست حجة، نعم تدل على الاباحة.
- سيرة العقلاء على قسمين، قسم يشترك المعصوم معهم في المسلك فيكفي فيه عدم الردع، كالعمل بالظواهر وبخبر الواحد، وقسم لا يتحد معهم في المسلك كالقرعة، فهذا يحتاج إلى دليل ولا يكفي فيه عدم الردع.
- شخصيات الرسول الاكرم والأئمة من أهل بيته بتعدد اللحاظات، ومدى وجوب التأسي بكل شخصية.

نكمل الكلام في الظنون ومن جملة الظنون المنقولات بخر الواحد، تكلمنا في نقل الاجماع وحجيته، ونقل التواتر وحجيته، وقلنا انهما حجة في السبب دون المسبب.
والبحث اليوم في نقل السيرة وهذا يستدعي منا كلاما كما في الاجماع والتواتر، أولا سنبحث في أصل السيرة وحجيتها، ثم نقل السيرة وحجيته.
فلنشرع في السيرة ما هي؟ أقسامها، ما هو الحجّة من السيرة؟ وما هو غير الحجّة؟
نقل السيرة:
السيرة لغة هي مسلك وعادة سار عليها الناس، وقد يطلق عليها بناء العقلاء.
السيرة على أقسام:
سيرة قوم، وسيرة العقلاء، وسيرة المتشرعة، وسيرة المتشرّعة هذه على قسمين: متصلة بعصر المعصوم وغير متصلة، مثلا في لبنان يطعمون الهريسة عن روح الامام الحسين (ع) والتي قد يتوهم ان أساسها شرعي باعتبارها عن روح الحسين (ع)، والفرق بين سيرة العقلاء وسيرة المتشرعة ان سيرة العقلاء بما هم عقلاء ولا علاقة للشرع فيها، اما سيرة المتشرعة منشؤها الشرع وكونهم متدينين.
أ‌- سيرة قوم بخصوصهم:
مثلا سيرة أهل مكّة أو غيرهم سيرتهم ليست حجّة على أحد.
وللفائدة نكرر ان للرسول الاكرم عدّة شخصيات لعدة لحاظات، ففي قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ ، أي شخصية نتأسّى بها؟ فهو إنسان شخصي، ثم انسان ابن بيئته، ثم انسان كعقلاء، ثم كان نبيّا وكان رسولا وكان سلطانا. أي هذه الصفات تكون حجّة عليّ؟
الصفة الأولى وكونه انسان شخصي لا حجّة فيه ولا يجب التأسي به.
اما كونه بن البيئة كان يكون ابن مكّة وهم يلبسون الثياب القصيرة مثلا، فالنبي يلبس مثلهم حتى لا يكون لباسه لباس شهرة، وهذا أيضا ليس حجّة حتى ولو لبسها الرسول، ولا دليل على الاستحباب، نعم هي دليل على الاباحة لان الرسول لا يفعل الحرام.
اما كون الرسول صار حاكما وسلطانا، فلو قال ان بني فلان "شيبة" مثلا يدخلون للمسجد من الباب الفلاني، كتنظيم للأمور، أي الأمور التدبيريّة، فهل معنى ذلك انه يستحب دخول بني "شيبة" من هذا الباب إلى يوم القيامة؟ وكمثال اقرب ان السيارات تسير على الجهة اليمنى، يمكن بعد زمن بتدبير آخر يمكن ان تسير على اليسار، الأمور التدبيرية تكون لزمانها وساعتها فقط. وفي هذا اللحاظ لا يكون تدبيره (ع) حجة علينا، بل يختص بزمنه، نعم يدل على الاباحة.
اما كونه احد العقلاء وعرف العقلاء فسنبحثها ونبحث مدى حجيتها.
نعم كونه نبيا أو رسولا عمله حجّة قطعا "حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة".
الفرق بين قوم خاصين وبين عرفهم:
السيرة عادة اقتضتها الظروف وحاجاتها أي هي مسلك عملي، فمثلا: عادة إعداد الطعام بعد الدفن أو بعد ذكرى الأسبوع، فهذه عادة اقتضتها ظروف المناسبة حيث ان الناس قد يأتون من أمكنة بعيدة.
اما العرف: فقد يطلق على السيرة، وقد يطلق على الاحكام التي جعلوها.
وسيرة قوم لا دليل على حجيّتها ابدا.
نعم، لو كان المعصوم (ع) احدهم فهو دليل على الاباحة أو الصحّة من باب حجيّة عمل المعصوم.
فمثلا: اللباس الذي كان منتشرا بين أهل مكّة لا يعني وجوبا له ولا استحبابا، وإذا لبسه المعصوم (ع) فانما يدلّ على اباحته لا أكثر.
ب‌- السيرة العقلائية: وهي السيرة والمسلك الذي اتخذه الناس في كل الدنيا على وجه عام، وهذا على نحوين:
الأول: ما يشارك فيه المعصوم الناس في مسلكهم، ولا مانع من ذلك، مثل العمل بظواهر الالفاظ، والعمل بخبر الواحد. وهذا القسم حجّة، ولا يحتاج إلى إثبات خاص للعمل به فلا يحتاج إلى إثبات للعمل بظواهر الالفاظ، بل يكفي فيه عدم الردع عنه.
الثاني: ما لا يشارك فيه المعصوم الناس، بل قد يمتنع عليه، مثل العمل بالقرعة، التي لا تؤدي حتى إلى الظن، فهذا القسم لا يكفي فيه عدم الردع، بل يحتاج إلى دليل وإثبات لحجيّته واعتباره، ففي القرعة مثلا ورد فيها بعض الاحاديث، مثل: " كل أمر مشكل ففيه القرعة " بعكس خبر الواحد الذي يكفي فيه ثبوت سيرة العقلاء على العمل به ولا يحتاج إلى دليل لانهم كعقلاء جميعهم يعملون به، والرسول احدهم أيضا عمل بخبر الواحد.
فسيرة العقلاء قسمان: احدهما لا يمتنع اتحاد المعصوم معهم في المسلك، فهذا يكفي فيه عدم الردع مثل العمل بالخبر، والآخر لا يتحد كالقرعة، وهذا يحتاج إلى إثبات ودليل ولا يكفي فيه عدم الردع.
أنه ليس هناك دليل بالقرعة الشارع لا يعمل بالقرعة لآن احتمال الظن فيها اكثر. اما في الخبر احتمال الخطأ قليل ونادر جدا وقد يكون هناك اطمئنان عرفيا لذلك ذهبنا إلى حجية الخبر الموثوق وليس خبر الثقة.
من هنا يظهر أن اطلاق قول بعض الأصوليين أن السيرة العقلائية حجّة إلا ان يأتي ردع عنها ليس في محلّه. الأمور ليست بشكل مطلق هنا قسم تحتاج إلى اثبات خاص.
قد يقال: ما الفرق بين العمل بخبر الواحد، والعمل بالقرعة، وكلاهما ظني؟ وقد ورد النهي عن العمل بالظنون؟
فانه يقال: خبر الثقة يؤدي إلى ظن قوى، جعل العقلاء لا يلتفتون إلى احتمال الكذب، ولذلك اجروا اصالة السند واصالة عدم الكذب.
اما القرعة فلا تؤدي إلى ظن ابدا، بل يبقى الشك والاحتمال.



الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.