السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 709
عنوان الدرس: الشهرة الفتوائية
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 9.55 Mb
مرات الإستماع: 32

المتن: الموضوع: الشهرة الفتوائية:
- هي شيوع الفتوى عند الفقهاء بغض النظر عن المستند.
- سبب العدول عن تعريفها بـ " من دون ان يعلم مستند الفتوى".
- أدلة حجيّة الشهرة الفتوائية: آية النبأ، وجوابه.
- عموم التعليل في الروايتين: مرفوعة زرارة ومقبولة عمر بن حنظلة، والجواب.
- التفصيل بين الشهرة القريبة من عصر المعصوم (ع) وغيرها، بيانه وجوابه.

القسم الثالث: الشهرة الفتوائية:
وهي عبارة عن شيوع فتوى عند الفقهاء بغض النظر عن المستند، ولكن على أن لا تبلغ حد الاجماع.
وقد ذكرت في تعريفها كلمة: "بغض النظر عن المستند" توضيحا لما ذكره بعض الاساطين كالسيد الخوئي (ره) حيث قال: "من دون أن يعلم مستند الفتوى" وذلك لكون الادلّة كلا أو بعضا تشمل ما لو علم المستند أو لم اعرف المستند، فالشهرة الفتوائية ليست محصورة بما عرفت المستند. فإذا عرفت المستند هل ارجع للمستند او تكون الشهرة بما هي شهرة حتى لو علمت مستندها حجّة، أي لكونها شهرة تكون حجّة. مثلا: في الشهرة وعرفت ان مستنده هذه الرواية او ان الرواية قويّة او معتبرة أو بأصل لفظي أو بأصل عملي أو بقاعدة عقليّة، فبمجرد معرفة السند لا قيمة للشهرة حينئذ، بناء على تعريفهم للشهرة الفتوائية، اما بناء على تعريفنا فيكون لدينا دليلان: المستند والشهرة.
زيادة بيان لو علم المستند ولم يكن رواية بل كان المشهور مستندا إلى قاعدة عقلية كمقدّمة الواجب واجبة وهو المشهور عند القدماء، لكنها مسألة عقلية لا علاقة لها بالرواية، وانا اعرف ان سندهم هو هذه القاعدة، المفروض ان ارجع للقاعدة وليس للشهرة، لكن يحتمل ان يكون المشهور كمشهور بغض النظر عن المستند هو حجة لكون لعض الادلّة التي استدلوا بها على حجيّة الشهرة الفتوائية تجري فيه أيضا، لذلك انا عدلت عن التعريف الأول إلى التعريف الثاني. لذلك عبرنا بتعبير " بغض النظر عن المستند" حتى نشمل الحالتين، فالكلام في الشهرة كشهرة.
ومراد الفقهاء رضوان الله عليهم في كتبهم من قولهم "ذهب المشهور إلى كذا" فالمراد هو المشهور شهرة فتوائية، أي ذهاب معظم الفقهاء إليها مع مخالفة القليل.
وقد استدل لحجية المشهور بأمور:
منها: أية النبأ: " فتبيّنوا"، وقد ذكرنا ان المراد من التبيّن هو الاستظهار والاستيضاح والاستكشاف، فلا يشمل خبر الفاسق، ولا المظنون، لأنه ليس تبيّنا، لا وجدانا ولا اعتبارا كما بيّنا أمس.
ومنها: عموم التعليل الموجود في مقبولة عمر بن حنظلة ومرسلة زرارة بن اعين: "فان المجمع لا ريب فيه" و " دع الشاذ النادر".
وفيه: ما ذكرناه من ضعف سند مرسلة زرارة، ولكون المراد في "المجمع" هو المتفق عليه. ولعدم دلالتها على عموم العلّة لكون الموصول أي "اللام" أو اللام العهديّة في " المجمع عليه" هو في خصوص الخبرين المتعارضين وليس لكل متفق ومجمع عليه لأنه هو المعهود.
ومنها: أولويتها من حيث الحجية من الخبر. أي إذا كان خبر الواحد حجّة فالأولى ان تكون الشهرة حجّة.
وبيانه: إذا كان الخبر حجّة من باب الظن، فان الظن الناشئ من الشهرة أقوى. وهذا الدليل ذكره صاحب الكفاية (ره).
وفيه: الكلام في الصغرى والكبرى، فالصغرى أي بانه مجرّد كون الحكم مشهورا يكون الظن اكثر فهذا مشكوك، فادعاء الصغرى عهدتها على مدّعيها.
لكن الكلام في المبنى أي في الكبرى، أي ان الخبر حجيته من باب الظن؟
هذ المبنى لا نسلّم به، فالخبر ليس حجّة من باب الظن، وادلة الاعتبار في الخبر هي السيرة العقلائية التي هي ليست من باب الظن وهو ما نذهب إليه، وليست الآيات، أو الروايات، أو الاجماع، أو حكم العقل، كما ذهب غيرنا. نعم من قال بدليل الانسداد بناء على ما ذهب اليه المحقق القمي (ره) في " القوانين" من الاخذ بالظن المطلق، فصار الظن حجّة بما هو ظن بعد انسداد بقيّة الامارات والطرق، وكون الظن في الشهرة اقوى صارت دليلا. لكننا لا نذهب إلى دليل الانسداد، بل نقول إن الأخذ بالخبر لا لكونه من باب الظن، بل لأدلّة خاصّة على اعتباره.
ومنها: الشهرة القريبة من عصر المعصوم (ع) دون غيرها، وذلك لعدم انقلاب الجو العام الفتوائي السائد في عصر الأئمة إلى ما يخالفه بعدهم مباشرة.
ولعلّ هذا الوجه افضل ما رأيت من الوجوه، ولكنه، يختص بخصوص الشهرة القريبة جدا من عصر المعصوم (ع). ومنشؤه حسن الظن بالفقهاء والاصحاب والعلماء، ولا شك اننا نعتقد بتقواهم وورعهم ونحسن الظن فيهم كثيرا.
ولكن هذا الدليل مردود بما ذكرناه في الاجماع، من أن تغيّر الجو العام الفتوائي ربما أن يحصل من شخصية قوية كشخصية الشيخ الطوسي (ره) مثلا الذي وصل إلى حد ان يكون قوله وكأنه دليل، وهذه الحال وإن لم يكن غالبا أو كثيرة، إلا ان احتمالها يمنع من الاستدلال بها. وبهذا ترتفع الحجيّة.
وقد ذهب إلى هذا التفصيل بين الشهرة المتقدّة القريبة من عصر المعصوم (ع) والشهرة المتأخرة بعض الاساطين كالسيد البروجردي (ره) والسيد الخوئي (ره) في " انوار الهداية" وغيرهم. ولعل ذلك بتقريب: ان المسائل الفقهيّة عندنا على ثلاثة أنواع، سنبيّنها غدا ان شاء الله.




الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.