السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 723
عنوان الدرس: أدلة القول بحجية خبر الواحد
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 9.04 Mb
مرات الإستماع: 50

المتن: الموضوع: ادلّة القول بحجية خبر الواحد:
- المورد الثاني لنزول آية النبأ.
- رواية تفسير القمي لآية النبأ، والتعليق على الدلالة.
- الفاظ الآية: معنى "تبيّنوا"، والفرق بين المفعول به والمفعول لأجله.

قلنا ان خبر الواحد لا شك ولا ريب في جواز العمل به، وان أصل حجية خبر الواحد لا أظن أن عاقلا في الدنيا يرفضه، لكن الكلام في التفاصيل لان مردودها إلى الاصل، فما يستدل به على حجيّة خبر الواحد يمكن ان يستدل به ايضا على التفاصيل، فإذا كان الخلاف بانه هل خبر الواحد هو الحجّة أو خبر الواحد الثقة هو الحجّة يجب ان نرجع إلى اصل الدليل على حجيّة خبر الواحد هو الذي يدلنا. فإذا كان الدليل هو الآيات القرآنيّة مثلا كآية النبأ وستدول بمفهوم الشرط أو بالوصف، حينئذ يصبح خبر العادل هو الحجّة، أما لو كان الدليل سيرة العقلاء فيصبح خبر الثقة أو الموثوق هو الحجّة، لذلك يلزم أن نعود إلى أصل الدليل.
نعود لتفسير مورد نزول آية النبأ المورد الثاني:
تفسير القمّي: وقوله: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) فإنها نزلت في مارية القبطية أم إبراهيم عليه السلام وكان سبب ذلك أن عايشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله إن إبراهيم ليس هو منك، وإنما هو من جريح القبطي ، فإنه يدخل إليها في كل يوم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لأمير المؤمنين عليه السلام: خذ السيف واتني برأس جريح، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام السيف ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنك إذا بعثتني في أمر أكون فيه كالسفود المحماة في الوبر، فكيف تأمرني أثبت فيه أو أمض على ذلك؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بل تثبت، فجاء أمير المؤمنين عليه السلام إلى مشربة أم إبراهيم فتسلق عليها فلما نظر إليه جريح هرب منه وصعد النخلة فدنا منه أمير المؤمنين عليه السلام وقال له انزل، فقال له يا علي! اتق الله ما ها هنا أناس، إني مجبوب ثم كشف عن عورته، فإذا هو مجبوب، فأتي به إلى رسول صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما شأنك يا جريح! فقال: يا رسول الله إن القبط يجبون حشمهم ومن يدخل إلى أهليهم، والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لادخل إليها وأخدمها وأؤنسها فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ " الآية.
قلنا في الدرس السابق في رواية الطبرسي ان اشكالات عليها وهي ترد هنا ايضا، بل كل ما ذكره ابناء العامّة من تنزيه عائشة عن الفسق المذكور في الآية ان كانت الرواية نزلت في عائشة ولكنه ليس المراد منه عائشة، بل المراد أصل التبين "ان جائكم فاسق بنبأ فتبيّنوا" وعائشة خارجة عن الموضوع، وقلنا ان المورد وان كان لا يخصص الوارد ولكن المورد ايضا لا يخرج عن الوارد،لا معنى بان يكون مورد العموم شخصا ويكون هذا الشخص خارج عنه. فتكون الآية واضحة بهذا المعنى إذا كانت نزلت بعائشة.
نعود لتفسير القمّي: وفي رواية عبد الله (عبيد الله ط) بن موسى عن أحمد بن رشيد (راشد ط) عن مروان بن مسلم (ثقة) عن عبد الله بن بكير (ثقة فطحي) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنها قد كذبت عليه، أو لم يعلم وإنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام؟ فقال بلى قد كان والله أعلم، ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله، ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها، فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.
من ناحية السند: في سند الرواية عبد الله بن موسى واحمد بن رشيد (راشد)، وهما لم يثبت توثيقهما، نعم إذا تمّت قاعدة: "كل من ورد في تفسير على بن ابراهيم فهو ثقة ثبتت وثاقتهما" إلا اننا لا نقول إلا بتوثيق خصوص من روى عنه مباشرة.
نعم يظهر أن عبد الله بن موسى هو مروي عنه مباشرة.
اما احمد بن رشيد فلم يرد توثيق فيه وليس هناك قاعدة تثبت توثيقه، لا توثيق خاص ولا توثيق عام. فالرواية من جهة الاعتبار لا نستطيع ان نقول انها معتبرة، وان كان كونها موجودة في تفسير القمّي امر له شيء من الاعتبار لكنا ليست دليلا على التوثيق والقبول.
تفسير فرات الكوفي: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" 563 - قال: حدثنا محمد [ب: أحمد] بن أحمد [بن علي. أ، ب] قال: حدثنا محمد بن عمار البربري أبو أحمد قال: حدثنا محمد بن يحيى - ولقب ابنه [ب: أبيه] داهر - الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن موسى بن المسيب عن سالم بن [أبي] الجعد: عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني وليعة قال: وكانت بينه وبينهم شحناء في الجاهلية قال: فلما بلغ إلى بني وليعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه قال: فخشي القوم فرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: [يا رسول الله. ر] إن بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوا لي [ب: إلي] الصدقة فلما بلغ بني وليعة الذي قال لهم الوليد بن عقبة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله لقد كذب الوليد ولكن [كان. ر] بيننا وبينه شحناء في الجاهلية فخشينا أن يعاقبنا بالذي بيننا وبينه. قال: فقال النبي [أ، ب: رسول الله]: لتنتهن يا بني وليعة أو لأبعثن إليكم [ر: لكم] رجلا عندي كنفسي يقتل مقاتليكم ويسبي ذراريكم هو هذا حيث ترون – ثم ضرب بيده على كتف [أمير المؤمنين. ر] علي [ بن أبي طالب عليه السلام. ر] وأنزل الله في الوليد آية ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ).
من ناحية السند السند غير تام.
اما من حيث الدلالة في رواية القمّي والكوفي: هذه الآية وردت في احد موردين إما في عائشة واما في الوليد كلاهما، والآية ظاهرة في تفسيق عائشة وفي تفسيق الوليد، وكل ما ذكروه من محاولات التبرأة غير سليم
اما مدى دلالته المتن على حجيّة خبر الواحد، فلا بأس بالاشارة إلى ثلاثة أمور قبل الاستدلال نحتاج إلى بيانها.
اولا معنى تبيّنوا، ثانيا معنى جهالة، ثالثا معنى الفاسق.
1- التبيّن: التبيّن يأتي بمعنيين: تبيّن فعل قد يأتي لازما وقد يأتي متعديا. اللازم هو الذي لا يحتاج إلى مفعول به والمتعدي يحتاج للمفعول به.
في اللازم تقول: تبيّن الشيء إذا ظهر وبان، وحينئذ تنتهي الجملة ولا يحتاج إلى مفعول به، ومنه قوله تعالى: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم، حتى يتبيّن لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر﴾ "حتى تبيّن" لا تحتاج إلى مفعول به، إذن هي فعل لازم بمعنى بان وظهر، وجينئذ تنتهي الجملة. ويكون قوله تعالى: "ان تصيبوا قوما بجهالة" ابتداء لجملة أخرى معلّلة للتبيين، ولازم حينئذ من تقدير: "حذرا أن تصيبوا قوما بجهالة"، والاصل عدم التقدير.
وفي المعنى الثاني: هو فعل متعدٍ بمعنى الظهور على الشيء، أي استكشافه، ومنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ . الفعل متعدٍ، وتوجد قراءة اخرى: "فتثبتوا"، والاصل اتحاد القراءات، وحينئذ تكون الجملة غير منتهية لحاجتها للمفعول به، وتكون شبه الجملة: "ان تصيبوا قوما بجهالة" شبه جملة مصدر مؤوّل في محل نصب مفعول به.
يظهر هنا الفرق بين المفعول لأجله وبين المفعول به في مسألتنا: المفعول لأجله هو العلّة التي لأجلها ثبت المحمول للموضوع، والمعلول يدور مدار العلّة وجودا وعدما، فكلما وجدت العلّة وجد المعلول، وهكذا إذا انتفت. وحينئذ يكون للجملة مفهوم وهو مفهوم العلّة، فيمكن اثبات عدم وجوب التبيّن بالمفهوم. وهذه ثمرة مهمّة.
اما المفعول به فهو قيد للفعل الموضوع، فلا يكون له مفهوم إلا بناء على صحة مفهوم الوصف، ولكننا لا نقول بمفهوم الوصف كما عند الشريف المرتضى (ره). هذا معنى كلمة تبيّنوا وغدا معنى كلمة جهالة.


الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.