السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 726
عنوان الدرس: أدلة القول بحجية خبر الواحد
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 8.13 Mb
مرات الإستماع: 49

المتن: الموضوع: ادلّة القول بحجية خبر الواحد:
- الاستدلال بالآية بأمرين: بمفهوم الوصف ومفهوم الشرط.
- هل توجد واسطة بين العادل والفاسق؟
- استدلال الشيخ الانصاري (ره) بالآية وتصويره.
- الايراد على هذا التصوير.
- رد السيد الخوئي (ره) للاراد الأول.
- تعليقنا.

نعود للنقطة الثالثة، هل هناك واسطة بن العادل والفاسق:
من قال بان العدالة هي مجرّد فعل الواجبات وترك المحرّمات، المفروض ان يكون الرجل إما عادلا أو لا.
ومن قال بأن العدالة ملكة تمنعه عن فعل المحرمات ولا تبلغ حدّ العصمة، هذه الملكة يمكن ان تنهزم وتنهار امام الاغراءات، وان الفسق ايضا صفة نفسية، فان الآية تدل حينئذ على عدم وجوب التبيّن حتى عند عدم ثبوت العدالة، هناك ثلاث حالات: العدالة ،والفسق، ولا عدالة ولا فسق.
الاستدلال بالآية قديم وكتب الاصول كلها تذكرها، والاستدلال بها على وجوه وتصورات كثيرة، استدلوا بمفهوم الوصف ومفهوم الشرط سنذكر بعض التصويرات التي فيها بعض الفوائد العلميّة غير مسألة الاستدلال، لان بيانها والرّد على جميعها يحتاج إلى وقت كثير، وكلها مدوّنة في الموسوعات الاصوليّة.
بعض التصويرات لا تخلو من فائدة علميّة، وقد وجدت السيد الخوئي (ره) فيه بعض الفوائد الجانبيّة، وهي مهمّة ايضا لذلك ذكرتها.
لقد تعددت الوجوه في كيفيّة الاستدلال، ولكنها جميعا ترجع إلى ما ذكرناه، حيث قلنا ان مفهوم الوصف يحتاج إلى بحث ثلاثة أمور: ظهور في العلّية، وانحصار العليّة، وعدم وجود ثالث. وستأتي في مفهوم الشرط نفس الشروط. هذه الامور الثلاثة تقريبا هي محور التصويرات باكملها في كل المباحث، وحاولت أن الخّص البحث بهذه الطريقة.
فمثلا: تصوير الشيخ الاعظم الانصاري (ره) وملخصه كما عن مصباح الاصول: "ان لخبر الفاسق حيثيتين: ذاتية، وهو كونه خبر واحد، والأخرى عرضيّة وهي كونه خبر الفاسق، وقد علّق وجوب التبيّن على العنوان العرضي، فيستفاد منه أنه العلّة لوجوب التبين، دون العنوان الذاتي، وإلا لكان العدول عن الذاتي إلى العرضي قبيحا وخارجا عن طرق المحاورات، فانه نظير تعليل نجاسة الدم بملاقاته المتنجس مثلا، وعليه فيستفاد وجوب التبيّن عند انتفاء هذا العنوان العرضي، وهو كونه خبر الفاسق".
بيان تصوير الشيخ الانصاري (ره): الحيثية الذاتية، مثلا أقول: "أكرم الرجل العادل"، الموصوف الذتي هو الرجل، والموصوف العرضي هو العادل، أصل الموضوع هو الذاتي هو خبر الواحد والعرضي هو الوصف العادل. وكأنه أصبح هناك ظهور في العليّة للعرضي دون العنوان الذاتي، مع العلم انه هو لا يقول بمفهوم الوصف.
"وإلا لكان العدول عن الذاتي إلى العرضي قبيحا وخارجا عن طرق المحاورات"، فإذا كانت العلّة في ثبوت الحكم هو الذاتي فلماذا نقيّد بالعرضي؟
"فانه نظير تعليل نجاسة الدم بملاقاته المتنجس مثلا "، الدم نجس بعينه، ولكن نعلّل نجاسة الدم بانه لاقى نجسا آخر كالبول مثلا. هذا امر قبيح عند العقلاء، نجاست الدم عينيّة، فالتعليق بالعرض مع وجود الذاتي قبيح.
وقد اورد على هذا الاستدلال بايرادات:
الايراد الاول وهو ايراد السيد الخوئي (ره): إن كون الخبر خبر واحد، أيضا من العناوين العرضيّة، ككونه خبر فاسق، فالذاتيات: هي الجنس، والفصل، والنوع. وكونه خبر واحد مظنون صار صنفا من باقي الاخبار وليس ذاتيا له، وكون خبر الواحد من فاسق فصارا لدينا عرضيّان، حينئذ كيف اعلّق وجوب التعليق على الثاني دون الأول؟ بأي داع؟
فكل من العنوانين عرضي يُحتمل دخالة كليهما في الحكم، وتخصيص أحدهما بالذكر يكون لنكتة، كالاشارة إلى فسق الوليد -أي لا يكون الفسق علّة ولا دخالة له في الحكم-.
وفيه: أن المراد بخبر الواحد في المقام هو الذي لا يفيد القطع، ويحتمل الصدق والكذب في قبال المتواتر والمحفوف بالقرينة القطعيّة، وهذا هو المراد من النبأ في الآية الشريفة، بقرينة وجوب التبيّن عنه، إذ الخبر المعلوم صدقه متبيّن في نفسه، ولا معنى لوجوب التبيّن عنه، وبقرينة التعليل: " ان تصيبوا قوما بجهالة" - فان الاخذ بالمعلوم لا يصيب بجهالة، والمراد من الجهالة هو الجهل وليس السفاهة، لانه احيان يكون حتى الاخذ بالعلم سفاهة، المفروض من العالم ان يكون حكيما-.
وليس مراد الشيخ (ره) من الذاتي في المقام هو الذاتي في باب الكليّات، أي الجنس والفصل والنوع، بل مراده هو الذاتي في باب البرهان ، أي ما يكفي مجرّد تصوره في صحة حمله عليه من دون احتياج إلى لحاظ أمر آخر خارج، وليس جزءا من الماهيّة، مثلا: الإمكان - اي ممكن الوجود - بالنسبة إلى الإنسان، فأنه ليس جنسا ولا فصلا ولا نوعا له، هو من العرض العام، فلا يكون ذاتيا في باب الكليّات، بل هو ذاتي له من باب البرهان، بمعنى ان تصور الإنسان يكفي في صحة حمل الامكان عليه، بلا حاجة إلى لحاظ أمر خارجي.
ومن الواضح ان الخبر في نفسه يحتمل الصدق والكذب ، ويصح حمل ذلك عليه، بلا حاجة إلى ملاحظة أمر خارج عنه، فكونه خبر واحد ذاتي له، بخلاف كونه خبر فاسق، إذ لا يكفي في حمله على الخبر نفس تصور الخبر، بل يحتاج إلى ملاحظة أمر خارج عن الخبر، وهو كون المخبر به ممن يصدر عنه الفسق.
وتلخيص جواب السيد الخوئي (ره) على هذا الايراد: بأن مراد الشيخ من الذاتي هو ما كان في باب البرهان وليس في باب الكليّات الخمس، وبالتالي يصح كلام الشيخ الانصاري (ره)، إذا فرق بين التقييد بالعرضي والتقييد بالذاتي.
وإيرادنا في هذا المقام: "إن كون الخبر خبر واحد هو بذاته ذاتي، لان كل شيء بحسبه ، ذاتي بمعنى الفصل الذي هو ظني، لان موضوع البحث هو أن خبر الواحد الظني هل هو حجّة؟ فكونه ظنيا جزء من موضوع البحث واصبح من الكليات الخمسة ولا مانع من ذلك.
ولا أريد أن أطيل في الايرادات وردّها، أو تأييدها، لان ما سأذكره في دلالة الآية المباركة سيكفينا المؤونة ان شاء الله.
وهناك اشكال على دلالة الآية، قالوا انها لا تدل على حجيّة خبر الواحد اصلا، وهناك اشكالات سنستعرض بعضها. والحمد لله رب العالمين.





الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.