السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 646
عنوان الدرس: الظهار
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 4.57 Mb
مرات الإستماع: 47

المتن: الموضوع: الظهار.

- هل الظهار صحيح أو هو إيقاع باطل والكفارة والعقاب على التلفظ؟

- بيان معنى الصحّة والفساد.

- الإيقاع الصحيح هو ما ينشئ وضعيّة جديدة تكون مصبا لأحكام تكليفية.

- الإيقاع الفاسد لا ينشئ وضعيّة، ولا مانع من حرمته تكليفا.

- ادلّة بطلان الظهار: أولا الظهار حقيقة لغويّة وقد كانت طلاقا في الجاهليّة ولم يعتبره الشارع طلاقا.

ثاني: الروايات: " هي امرأته ولا يحرم مجامعتها".

ثالثا: الآية الكريمة: " ما هنّ امهاتهم " حيث نفى الأثر الوضعي، فهي ليست اما لا حقيقة ولا اعتبارا.

- في المقابل رواية صحيحة تشير إلى الصحّة. طريقة العلاج.



بيان معنى صحة الظهار وفساده.

معنى صحة الظهار هو انشاؤه لوضعيّة، أي لوضع لم يكن موجودا.

ونذكر هنا الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي. ذكر الشيخ الانمصاري (ره) ان الحكم التكليفي هو الاساس والحكم الوضعي لازمه ومنتزع منه.

هذا غير سليم، الحكم الوضعي هو انشاء وضع يكون مصبا للأحكام التكليفيّة ومنظما لها، مثاله عند عقد الزواج يتم انشاء وضع اسمه الزوجيّة، هذه الوضعيّة ليس فيها دفع ولا زجر حتى تكون تكليفا، نعم تكون مصبا لاحكام تكليفيّة كوجوب النفقة وجواز الوطء والنظر والعشرة بالمعروف، وغير ذلك.

فالتسمية بالحكم الوضعي فيه تسامح، لعدم وجود اي حكم بل هو انشاء وضعيّة معيّنة، كالأبوة والزوجيّة والاخوّة، ليس فيها لا دفع ولا زجر، تكون موضوعا ومصبا للأحكام.

ومعنى فساده هو عدم إنشاء أي شيء وأي وضعيّة جديدة، بل تكون الصيغة عبارة عن لقلقة لسان. مثلا نكاح الشغار باطل لا ينشأ زوجيّة والظهار باطل لا ينشأ طلاقا. ولا مانع من ثبوت بعض الأحكام للتلفظ المحض.

وللتقريب: من قبيل المثال الذي ذكرناه في الاصول لو قال شخص لآخر: "يا ابن الزانية " من باب الشتم لا من باب توصيف الواقع وليس قاصدا للمعنى. فإن هذا اللفظ لم يؤدّ إلى انشاء وضع جديد، فالأم ليست زانية واقعا، ولا اعتبارا، إذ لم يعتبرها الشارع كذلك. ولو كان صحيحا بمعنى اعتبار الشارع ما قاله لوجب عليه حدّ القذف، مع العلم ان السب والشتم ليس فيه حدّ القذف، وما ذلك إلا لان الشاتم والمخاطب يعلمون عدم المراد الجدّي للكلام، بل هو فقط مراد استعمال. لأجل الاهانة لا لأجل توصيف الواقع.

ففي الآية الكريمة يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ .[1]

نعم، هنا لا مانع من تحريم هذا القول تحريما تكليفيا، ولو كمراد استعمالي من باب أنه قول فحش. والكفارة تكون على القول والتلفّظ، والظهار لقلقة لسان لا قيمة له، لانها لم تصبح أما في الظهار لا واقعا ولا اعتبارا، وكذلك في مثال الزانية لم تصبح الأم زانية لا واقعا ولا اعتبارا. هذا هو معنى المعاملة الفاسدة، نعم قد يكون هناك أحكام للتلفّظ.

فلنطبق هذا على الظهار، هل إذا انشأ ظهارا اصبحت الزوجة أم واقعا أو اعتبارا عند الشارع؟

لم تصبح أما لا واقعا ولا اعتبارا من الشارع، ولذا فالظهار فاسد لان معنى انها معاملة صحيحة هو ان ينشأ الظهار حالة ووضعيّة جديدة، وهذا لم يحصل، لانه تعالى يقول: ﴿ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُم وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ .[2] فالشارع لم يعتبر الظهار وألغاه، نعم عليه عقاب وهو الكفارة.

إذن:

الدليل الاول: على أن الظهار باطل، أنه ليس طلاقا شرعا وكان طلاقا في الجاهليّة، وانتم ايها الاصوليون تقولون ان المعاملات حقائق لغوية وأقرها الاسلام، والظهار لو كان مقرا لكان كما كان في الجاهليّة كان طلاقا واعتبره الشارع، لكن الشارع اعتبره طلاقا محرّما.

وثانيا الرواية حين اجاب الامام (ع) بانها " هي امرأته وليس يحرم عليه مجامعتها، " لكن عليه الكفارة قبل المجامعة. الظهار لم ينشئ وضعا جديدا للزوجة ولم تصبح مطلّقة، ولا من الطلاقات الثلاثة.

وثالثا القرآن يشير إلى ان الظهار فاسد ولم يعتبره الشارع ولم ينشئ وضعا جديدا: ﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً ﴾ .[3]

في المقابل فإن ظاهر بعض الروايات صحة الظهار: ح 1 - محمد بن يعقوب (ثقة)، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة) ، عن ابن محبوب (ثقة)، عن أبي ولاد الحناط (ثقة)، عن حمران (ثقة) في حديث قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب، ولا يكون ظهار إلا في ظهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين.

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره، عن علي بن الحسين، عن محمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب مثله. [4]

هذه الرواية الصحيحة المعتبرة قد توجي بالصحّة، لكن المقصود منها بعد بان الادّلة السابقة تدل على ان الظهار إذا كان عن غضب لا تجب عليك الكفارة، والرواية تتحدث عن شروط الكفّارة والعقاب، ولا تعني ان الظهار صار أمرا معتبرا، فلو كان معتبرا شرعا لاصبحت الزوجة المظاهرة أمّا اعتبارا فينطبق عليها أحكام الأم.

غدا سنعود إلى هذه النقطة لبيانها جيدا إن شاء الله.






[1] سورة المجادلة، آية 1- 4.

[2] سورة المجادلة، آية 1- 4.

[3] سورة المجادلة، آية 1- 4.

[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، باب 2، ح1، ص509.

الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.