السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 681
عنوان الدرس: الإيلاء، شروط المؤلى منها
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 3.8 Mb
مرات الإستماع: 131

المتن: الموضوع: الإيلاء، شروط المؤلى منها:

- محاكمة سند الرواية.

- إرجاع الامام (ع) إلى ظاهر القرآن، وإلى القاعدة اللغوية معلّلا اشتراط كون المؤلي زوجا بعقد دائم "فان طلقها" في آية أخرى شبيهة، هو تعليل بما عند العرف اللغوي لو كان الكلام واحدا كما في مقامنا.

- كيفية الاستفادة من الروايات الضعيفة.



ومن حيث الدلالة: في سورة البقرة: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا (الطلقة الثالثة) فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا (الزوج الثاني) فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [1]

فقد استدل الامام (ع) - وهو يعلمنا كيف نستنبط من القرآن الكريم - على تخصيص الزوج في قوله تعالى: "حتى تنكح زوجا غيره" زوجا هنا عموم بدلي، وبقوله بعد ذلك "فإن طلقها" والمتعة ليس فيها طلاق، فلا بد في التحليل أن يكون بالزواج الدائم، ولا يصح التحليل بالزواج المؤقت. وهذا ينفعنا بان الظواهر حجيّة وان ما نسب إلى بعض الاخباريين بان الظواهر ليست حجّة، فلو لم يكن الظاهر حجة لم يرجعنا الامام (ع) إلى ظاهر القرآن كما الرواية المذكورة، أي رواية الحسن الصيقل.

ولا بد من ملاحظة أن الاستدلال إنما يكون بما هو مسلّم عند المخاطب، ولو كان رجوع الضمير إلى بعض افراده مرجعه لا يؤدي إلى تخصيص العام عند العرف اللغوي وأبناء المحاورة لما تمّ الاستدلال بالآية. بل يصح الاستدلال بالرواية على هذه المسألة اللغوية التي درسناها في مباحث الالفاظ حتى لو كانت ضعيفة سندا، وكان الحسن الصيقل ضعيفا وقد ذكرنا امس انه قد روى عنه بعض الاجلاء كيونس بن عبد الرحمن او حماد بن عثمان وغيرهم الذي قيل انه لا يروي إلا عن ثقة، ونحن قلنا انه لم يثبت ذلك، رواية الاجلاء كيونس هذه قرائن على التوثيق، لكنها لم تصل عندنا إلى حد الدليليّة عليه، لان الثقة قد يروي عن غير الثقة، فصاحب الوسائل (ره) يذكر ان محمد بن احمد بن خالد في نفسه ثقة لكنه يروي عن الثقة وغير الثقة، لا دليل عندنا بان الثقة لا يروي إلا عن ثقة، هذه القاعدة لم تثبت عندنا.

إذن الحسن الصيقل لم تثبت وثاقته وان كنا نميل إلى الوثاقة برواية المجموعة الكثيرة من الاجلاء عنه، لكن قلنا سابقا في درس خاص كيف نستفيد من الروايات الضعيفة، غير فائدة ان تكون الرواية مؤيّدة لروايات أو ادلة اخرى.

توجيه الاستفادة: أن الكذب لا يكون في معاني الالفاظ واستعمالاتها وقواعدها اللغوية، بل يكون الراوي كاذبا في نسبة المحمول إلى الموضوع، لا في لفظ الموضوع ولا فب لفظ المحمول. فمثلا: عندما أقول كاذبا "زيد شجاع" فالكذب لا يكون في لفظ زيد ولا في لفظ شجاع، ولا في كون الاول مسندا والثاني مسندا اليه، وانما يكون في اسناد الشجاعة إلى زيد، فان الكاذب يراعي كل القواعد العربيّة، فلا يستطيع ان يقول: "جاء زينب" ولو كان الراوي يزيد بن معاوية، نعم يمكن ان يكذب بنسبة المجيء إلى زينب.

فان يزيد بن معاوية الذي كان شاعرا - لعنه الله - إذا اخبر بالخبر فانه عندما يتكلم يأتي بالالفاظ العربيّة. بل لا يستطيع ان يتكلم إلا باللغة الفصحى، الراوي إذا كان كاذبا فانه يكذب في نسبة المحمول إلى الموضوع، اي في الحمل والاسناد والاخبار.

لذلك نستطيع ان نستفيد من هذه القاعدة امورا عديدة، من قبيل "مني المرأة" الذي انكره البعض، لكن الخلاف في معنى هذا المني، فلما استعمل ولو كانت الروايات ضعيفة هذا يعني ان المرأة لها مني لغة، لكن ما هو المني؟ القدر المتيقن منه هو خصوص ما شابه ماء الرجل في الكثافة والخروج عن فتور وشهوة، وليس خروج مطلق السائل.

هذه القاعدة المهمّة لم تبحث في الكتب، هذا اولا.

وثانيا نستفيد ان الامام (ع) برواية حسن الصيقل ولو فرض انه كاذب، فانه يروي ان المحلل يجب ان يكون بالعقد الدائم، بدليل القرآن. وارجاع الامام الناس إلى قاعدة هو ارجاعهم إلى ما عندهم، اي يمكن ان نستفيد حينئذ انه ارجاع إلى الوجدان والسليقة، إلى قاعدة عامّة اساسيّة وهي كما ذكرنا في مسألة أن عود الضمير إلى بعض مرجعه هل يؤدي إلى تخصيص أو يؤدي إلى الاستخدام ويبقى المرجع على اطلاقه؟ وقد ذهبنا في بحث هذه المسألة الاصوليّة من مباحث الالفاظ إلى انه الضمير العائد إلى مرجعه إن كانت القضيتان التي تشملانهما في كلام واحد فالظهور حينئذ للتخصيص، ومقامنا من هذا القبيل، فان الشارع لم ينته من كلامه بعد، ويكون قوله تعالى : " فان عزموا الطلاق" تابعا للكلام الاول والجملة الاولى، أي "الذين يؤلون من نسائهنم يتربصن..." .

النتيجة: حتى الرواية لو كان الحسن الصيقل لم يوثّق فاننا نستطيع ان نستفيد من الرواية من هذه القاعدة العقلائيّة اللفظية الموجود عند أهل المحاورة.


[1] سورة البقرة، آية 230.

الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.