السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 13
عنوان الدرس: الحاجة إلى علم الرجال
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 19.95 Mb
مرات الإستماع: 53

المتن: العنوان: الحاجة إلى علم الرجال.

- سبب التمايز بين من يقول بقطعية الكتب الاربعة وغيرها وبين غيرهم.

- القرائن التي ذكرها الحر العاملي عن مشرق الشمسين للبهائي حول صدور الروايات الموجودة في هذه الكتب.

- المشكلة في لفظة " عن " والفرق بينها وبين " حدثنا ".

- الاشكال في لفظة عند محدثي السنة، والفرق بيننا في هذه المسألة وبينهم.

نكمل الكلام في قطعية صدور الكتب الاربعة. ملخص وجهة نظر الاخباريين بشكل عام ان هذه الكتب الرئيسية التي بين ايدينا " الكافي، الاستبصار، التهذيب، من لا يحضره الفقيه " او غيرها من الكتب، هذه الكتب اخذت من مصادر اساسيّة، والمصادر الاساسية كتب واصول، الاصول الاربعمائة وغيرها. الكتب التي بين ايدينا اخذت من هذه المصادر. اصحاب الكتب ذكروا مرارا انها اخذت من كتب معتمد عليها والاحاديث الموجودة في الكتب التي وصلت الينا مأخوذة من هذه الكتب المعتمد عليها بقرائن كثيرة هم اتكلوا عليها وهم القريبون من عصر النص. سنذكر هذه القرائن بعد قليل عن الشيخ البهائي (ره) في كتابه مشرق الشمسين.

الاشكال الاساسي لمن لا يقول بقطعية الصدور ان هذه القرائن اتكلوا عليها لتصحيح هذه الاخبار [1] اخذت من كتب فقدت من بين ايدينا اتكل عليها اصحاب الكتب التي بين أيدينا في جمعها منها، والقرائن غابت عنا. إذن الاشكال الرئيسي للذي لا يقول بقطعية الصدور هو: انه من قال ان هذه القرائن التي قامت عندكم على صحة هذه الروايات إذا قامت عندنا ستكون قرينة على ذلك؟ ولا فرق في عدم حجة اجتهادهم علين بين أن يكونوا قبل مائتي سنة والف سنة، مثل الشيخ الصدوق (ره) البعيد عن زمن النص مئاتي سنة وغيره بعد الف سنة.

في الواقع انا اميل إلى أن الجو العام للرواة هو التوثيق والروايات هو الصدور، وتحتاج كل رواية إلى بحث.

نعود إلى الادلة على عدم قطعية صدور الكتب الاربعة وذكرنا ان هناك رواية ذكرها السيد الخوئي (ره) يقول: ان بعض ما روي في الكتب الاربعة لا يمكن ان يقبله عقل حتى على نحو التأويل، توجد روايات غير مقبولة على ظاهرها مثل روايات ان الارض على قرن ثور.

فإن الناس والفضائيين لم يجدوا ثورا ولا بقرة ولا غير ذلك، وصل الناس إلى القمر ولم يروا هذا الشيء.

لكن يمكن تأويلها وهو ان يكون وضع الكرة الارضية يمكن تأويله حتى علميا هو يمكن ان يكون في الكون قوى جاذبة وقوى طاردة على شكل ثور، او ان الثور كناية عن واقع خارجي ستبيّنه الايام.

يقول السيد الخوئي (ره) في المعجم:

ثم إن في الكافي - ولا سيما في الروضة - روايات لا يسعنا التصديق بصدورها عن المعصوم عليه السلام، ولا بد من رد علمها إليهم عليهم السلام.

والتعرض لها يوجب الخروج عن وضع الكتاب، لكننا نتعرض لواحدة منها ونحيل الباقي إلى الباحثين.

فقد روى محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون. فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته المسؤولون وهم أهل الذكر ).

أقول: لو كان المراد بالذكر في الآية المباركة رسول الله صلى الله عليه وآله فمن المخاطب؟ ومن المراد من الضمير في قوله تعالى: لك ولقومك؟ وكيف يمكن الالتزام بصدور مثل هذا الكلام من المعصوم عليه السلام فضلا عن دعوى القطع بصدوره؟!. [2]

النتيجة ان الذي يريد ان يقوله السيد (ره) أن هذه الرواية غير قطعية الصدور، وان هذا المضمون غير معقول مع انه روي في الكافي.

وقبل ان نلخص المطلب والنتيجة في نقاط نذكر كلاما للشيخ بهاء الدين العاملي في مشرق الشمسين بعد ذكر تقسم الحديث إلى الاقسام الاربعة المشهورة – كما نقله الحر العاملي في الوسائل ج 20- يقول الحر العاملي (ره) وهو المحدث والمحقق في: الفائدة السادسة: في ذكر شهادة جمع كثير من علمائنا بصحة الكتب المذكورة وأمثالها وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها وثبوت أحاديثها عن أهل العصمة عليهم السلام قال الشيخ الصدوق رئيس المحدثين محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رضي الله عنه في أول كتاب من لا يحضره الفقيه: ........ وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول، وإليها المرجع مثل ......

ثم يقول قال الكليني: وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل وبها تؤدي فرايض الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله.

ثم الشيخ في العدة عندما قسم الاخبار، ذكرنا كلامه: وأن القسم الثالث ينقسم إلى أقسام : منها خبر أجمعوا على نقله ولم ينقلوا له معارضا، ...

فعلم أن كل – ومنها احاديث الاستبصار - حديث عمل به فهو محفوف بقرائن تفيد العلم أو توجب العمل. [3]

هم ذكروا ذلك ثم يقول:

وقال الشيخ بهاء الدين محمد العاملي في مشرق الشمسين بعد ذكر تقسيم الحديث إلى الأقسام الأربعة المشهورة:

وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم بل المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه وذلك بأمور: [4]

منها وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة، وكانت متداولة في تلك الاعصار مشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار. [5]

ومنها تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة. [6]

ومنها وجوده في أصل معروف والانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة [7] ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار، أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمان وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، أو على العمل برواياتهم كعمار الساباطي وغيرهم ممن عدهم شيخ الطائفة في العدة كما نقله عنه المحقق في بحث التراوح من المعتبر.

ومنها اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على الأئمة عليهم السلام فأثنوا على مصنفيها ككتاب عبيد الله بن علي الحلبي الذي عرضه على الصادق عليه السلام، وكتابي يونس بن عبد الرحمان والفضل بن شاذان المعروضين على العسكري عليه السلام. [8]

ومنها كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها، وسواء كان مؤلفوها من الفرقة الناحية المحقة ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله وكتب ابني سعيد وعلي بن مهزيار، أو من غير الامامية ككتاب حفص بن غياث القاضي، وكتب الحسين بن عبد الله السعدي، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري. [9]

وقد جرى رئيس المحدثين على متعارف القدماء فحكم بصحة جميع أحاديثه وقد سلك ذلك المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال لما لاح لهم من القرائن الموجبة للوثوق والاعتماد. انتهى.

كلام الحر العاملي: ثم ذكر أن أول من قرر الاصطلاح الجديد العلامة قدس سره وأنه كثيرا ما يسلك مسلك المتقدمين هو وغيره من المتأخرين، وذكر جملة من تلك المواضع. [10]

( لعلّ العلامة ليس اول من ذكر هذا الاصطلاح بل ابن طاووس استاذ العلامة، والعلامة اخذه من استاذه ).

هذه القرائن التي ذكرها جعلتهم يتكلون على الاحاديث المقترنة بتلك القرائن فكانت سببا للاعتماد عليها عندهم. الاشكال الاول في هذه القرائن انه من قال ان هذه القرائن التي هم اطلعوا عليها إذا نحن اطلعنا عليها سنقتنع بها. هذا هو الاشكال الرئيسي الذي اشكل به السيد الخوئي (ره) وغيره على صحة ثبوت الروايات [11]، وعلى الشهرة بالعمل بالرواية.

الفرق بين لفظ " عن " ولفظ " حدثنا:

هذه المسألة ستنفعنا في نقطة مهمّة وهي: انه تدوين الحديث عند السنّة فيه مشكلة. فرق بين حدثني أو حدثنا وسمعت، وبين " عن ". هناك ابحاث عن " عن " كانت تقال عن فلان عن فلان تارة مباشرة مسندة وتارة ارسالا عن النبي (ص)، وتارة وجادتا، وتارة سماعا " عن " تشمل كل انواع النقل لذلك وقع الكلام عندهم في حجية الروايات المنقولة للفظ " عن ". والانصاف ان هذا الاشكال يمكن جريانه حتى في رواياتنا التي نقلت بمعظمها بلفظ " عن "، بل جلّها.





الفرق بين كتبنا وكتب ابناء العامة:

لكن الفرق بيننا وبينهم ان اصحاب الكتب التي عندنا قالوا ان هذه الاحاديث اخذوها من كتب اشتهرت اشتهار الشمس في رابعة النهار، وعليها المعول واليها المرجع بقرائن كثيرة ذكروها، هذه القرائن قد لا تحدث اطمئنان قطعا بالصدور، قطعا وجدانيا أو عرفيا. لكن الجو العام فيه هو الظن القوي المتاخم للاطمئنان. لذلك الفرق بيننا وبينهم ان هذه الروايات وان لم تكن قطعية الصدور عندنا لكن كذلك إجمالا هنا جو وثاقة وجو صدور لانها اخذت من كتب مشتهرة عليها المعول واليها المرجع، اما عند ابناء العامة لم يأخذوها من كتب بل بدأ تدوين الحديث عندهم تقريبا من ايام الزهري الذي اظن ان تدوين الحديث عنده كان في مقابل مدرسة الامام الباقر (ع). حيث كان الامام الباقر (ع) يقول: حدثنا ابوه عن آبائه عن رسول الله. السنّة كانوا ممنوعين من كتابة الحديث عن رسول الله. فبدأ الناس يأخذون من الامام الباقر (ع). يمكن ان تكون السلطات الاموية قد اوعز للزهري بجمع الاحاديث عبارة عن جمع ولملمة. بعد رفع منع كتابة الحديث زمن عمر بن عبد العزيز فجمع الاحاديث من الناس من هنا وهناك، من دون مدرك اساسي مهم ومحترم ومعتمد يعوّلون عليه. فالفرق وجود مدرك معتمد عليه شائع عندنا وهو الكتاب، وعدمه عندهم.

إذن أحاديث كتبنا الواصلة الينا مأخوذ من كتب كانت مشهورة متداولة معتمد عليها، وهذا لا يؤدي إلى وثاقتها جميعا وصدورها كما بيّناه، بل يؤدي إلى وثاقتها اجمالا، كالكتب المتداولة بيننا في زمننا فمثلا: كتاب الجواهر متداول مشهور معتمد عليه، فنثق به وبصدوره عن مؤلفه ومنقولاته إجمالا، أي جوه العام كذلك، وإن كان قد يشك في بعض مضمونه للسهو أو سقط من النساخ أو سهو المؤلف أو غلطه أو غير ذلك. فهو كتاب محترم. إذن هذا يعني انه بالشكل العام هذا الكتاب محترم ومعتمد عليه ومتداول، وهذا لا يعنى ان كل حديث بنفسه معتمد، قد ورد عندنا احاديث كثيرة لا يمكن التصديق بها بل ساقطة، بل اسقطها بعضهم، بل اسقطها علماء زمانه القريبين ايضا.

إلى هنا نقول ان هذه الاحاديث اجمالا صادرة، نعمل بذلك لكن يجب علينا ان نأخذ بالحديث وحده، وهذا الاجمال ينفعنا كثيرا.

والحمد لله رب العالمين.




[1] استطراد: الفرق بين الاصل والكتاب: بعضهم يقول انه لا فرق بينهما، وبعضهم يقول ان الاصول الاربعمائة هي كتب كتبها الاصحاب ومنها اخذت الكتب الاخرى، وبعضهم يقول ان الاصول هي التي كتبت في زمن علي بن ابي طالب (ع) إلى زمن الباقر (ع)، وبعضهم إلى زمن الصادق (ع)، وبعضهم إلى زمن العسكري (ع). والاصول الاربعمائة ليس بين يدينا شيء منها، نعم بين ايدينا من روى عنها. وعن بعضهم الكتب هو الذي اخذ من هذه الاصول، وبعضهم الكتاب هي نفس الاصول كتاب، وبعضهم يقول الكتاب هي الاصول الغير مباشرة أي الاصول واخذ منها الكتب التي بين ايدينا. فعندما يقال له اصل يعني الكتب الاربعمائة، وله كتاب قد لا يكون مطابق مع الاصل، وإلا يعبر عن الاصل بكتاب مثل صفوان احيانا يقال له كتاب واحيانا يقال له اصل. وكل ما قيل قول واستحسانات اما الدليل على التقسيم بان للاصل او الكتاب اصطلاح خاص غير وارد ولا دليل عليه، كما في النوادر كل واحد يفسر النادر بمعنى مختلف، ومثل كلمت صحيح التي استعملها القدماء، بعضهم يقول الصحيح بمعنى الثابت، وبعضهم يقول بمعنى الحجّة، وقلنا ان هذه المعاني اصطلاحات قديمة، والاصل والكتاب استعملت كثيرا محل بعضها البعض.

[2] معجم رجال الحديث، السيد الخوئي، ج 1، ص 35.

[3] وسائل الشيعة، الحر الحاملي، ج20، ص 61، (الاسلامية).

[4] هنا (ره) يتكلم عن الاحاديث وليس عن الكتب الذي اخذها من كتب ذكرها، ويقول ان هذه الروايات نطمئن بصدورها، بل ادعى قطعية صدورها. لكن الشيخ البهائي (ره) يذكر القرائن التي اتكلوا عليها القدماء واخذوا منها أحاديث هذه الكتب من المحفوف بتلك القرائن.

[5] هذه القرينة الاولى حديث واحد بطريق واحد موجود في هذه الاصول – شهرة روائية -، وتنشأ حالة من الاطمئنان من قبيل الخبر المستفيض الذي فيه اكثر من طريق. اما مع وجود المعارض يزول الاطمئنان وكثير من الروايات الموجودة في هذه الكتب لها معارض كما في نفس كتاب الكافي والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه. نحن نسلم بان كثرة النقل بحساب الاحتمالات تؤدي إلى وثوق. طبعا ليس كل الاحاديث تلبس بهذا الوصف بان وجد في اكثر من اصل.

[6] القرينة الثانية: الرواية تكررت في اصل واحد لكن بطرق متعددة، ويعطي ايضا اطمئنان وليس قطع في الصدور.

[7] اصحاب الاجماع شيء والمشايخ الثقات شيء آخر.

[8] هذه قرينة على انه عرض الكتب على الامام (ع) ولإمام صدقه كأنه هو رواه اعتضاد ما يؤدي إلى صحته والعمل به.

[9] إلى هنا قد اعطى قرائن وليس هناك دليل على الحصر بهذه القرائن.

[10] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج20، ص 65، (الاسلامية).

[11] تماما كالاشكال على حجية الشهرة بالعمل برواية.

الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.